ما هي الفلسفة الغائية (الأنانية)؟
الفلسفة الغائية، أو الفلسفة الأنانية، هي النظرية التي تقول بأنَّ الدافع الأساسي لكل فعل إنساني هو تحقيق المصلحة الشخصية. أي أنَّ حتى الأفعال التي تبدو كإيثارية أو نزيهة في ظاهرها، تُفسَّر في جوهرها بأنها تخدم مصلحة الفاعل. وتوجد نوعان رئيسيان منها:
- الغائية النفسية (الوصفية): تدعي أنَّ كل أفعال البشر، مهما بدت نبيلة، تنبع في الأساس من دوافع شخصية.
- الغائية الأخلاقية (المعيارية): تؤكد على أنَّ الفرد ينبغي أن يسعى لتحقيق مصلحته الشخصية باعتبارها المبدأ الأخلاقي الأعلى .
أبرز الفلاسفة المرتبطين بهذه الفلسفة
1. توماس هوبز:
في كتابه "الليفاثان" أو
"الدولة"، عرض هوبز فكرة أنَّ البشر بطبيعتهم يسعون لحماية مصالحهم
الخاصة، مما يفسِّر سلوكهم في صراعات القوة والبحث عن الأمن.
2. ماكس شتيور (Max
Stirner):
يُعتبر من رواد الفكر الأناني، حيث قدم في عمله "الأناني
وفرده" فكرة أنَّ
الفرد هو محور الوجود وأنَّه يجب أن يتجاوز القيود الاجتماعية والأخلاقية لتحقيق
ذاته.
3. آين راند:
من أبرز الفلاسفة المعاصرين الذين تبنوا الغائية الأخلاقية من خلال فلسفتها
(Objectivism)، والتي ترى أنَّ السعي وراء السعادة الشخصية
وتحقيق المصلحة الذاتية هو المبدأ الأساسي للحياة الأخلاقية.
4. فريدريش نيتشه:
رغم تعقيد فلسفته، إلا أنَّ بعض أفكاره حول "إرادة القوة" وتمجيد
الفرد المتميز تحمل أبعاداً تشبه الفكر الأناني، إلا أنَّ نيتشه لا يُصنف بشكل مباشر
كفيلسوف غائي.
العلاقة بين الفلسفة الغائية والماكيافيلية
- التشابه:
كل من الفلسفة الغائية والماكيافيلية تؤكدان على أنَّ المصلحة الذاتية والدافع الشخصي يلعبان دوراً محورياً في سلوك الإنسان. ففكرة أنَّ "الغاية تبرر الوسيلة" في الماكيافيلية تُظهر أن القائد السياسي قد يتخذ إجراءات غير أخلاقية إذا كانت تصب في مصلحته الشخصية أو في الحفاظ على السلطة. - الاختلاف:
- الفلسفة الغائية تُعمِّم فكرة السعي وراء المصلحة الشخصية على جميع جوانب الحياة الإنسانية، سواء كانت أخلاقية أو اجتماعية.
- الماكيافيلية ترتكز أساساً على فنون السياسة والحكم، حيث تُعتبر الفعالية والقوة والمكيدة أدوات للوصول إلى السلطة وإبقائها.
كيف تعرف أن شخصاً يتصف بالغائية؟
يمكن ملاحظة صفات وسلوكيات تشير إلى شخصية غائية (أنانية) عند الفرد، مثل:
- التركيز المفرط على المصلحة
الشخصية:
دائمًا ما تُفضِّل قراراته ومبادراته ما يعود عليه بالنفع دون اعتبار لمصلحة الآخرين. - التلاعب والاستغلال:
قد يستخدم أساليب ومواقف لخدمة أهدافه الشخصية حتى لو كانت على حساب مشاعر أو حقوق الآخرين. - الافتقار إلى التعاطف:
يظهر قلة اهتمام بمشاعر الآخرين أو بمساعدة من لا يمكن أن يقدم لهم منفعة مباشرة. - استخدام عبارات تعكس موقفه:
قد يُعبِّر عن نفسه بعبارات مثل: - "أنا أعمل لتحقيق مكاسبي الخاصة، وكل شيء آخر يأتي في طريق ذلك."
- "في الحياة، يجب أن تستغل كل فرصة لتحقيق أهدافك، لا مجال للتضحية بالآخرين."
- "الآخرون مجرد أدوات تساعدني على الوصول إلى مبتغاي."
- "الأخلاق ليست إلا قيداً يعيق تحقيق النجاح الشخصي."
أمثلة من الحياة الواقعية
- في بيئة العمل:
قد يقوم مدير أو زميل بتجاهل احتياجات الفريق والتركيز فقط على إنجاز المهام التي تُبرز إنجازاته الشخصية، مثل: - "المشروع ناجح إذا كنت أنا الذي حصلت على الفضل، بغض النظر عن جهد الفريق."
- في العلاقات الشخصية:
قد يُظهر الشخص سلوكيات تدل على أنه يستغل الآخرين لتحقيق رغباته، مثل: - "أنا لا أُعطي إلا ما يُفيدني، إذا كان بإمكانك مساعدتي فأنت مرحب بك، وإلا فليس الأمر مهماً."
- في السياسة:
قد تتجلى صفات الماكيافيلية في سلوك القادة الذين يبررون أي وسيلة لتحقيق السلطة، مثل: - "السياسة لعبة البقاء للأقوى، وكل من لا يسعى لتحقيق مصالحه سيكون مجرد عقبة في طريقي."